إخطار للعملاء - تداعيات جائحة كورونا على الالتزامات القانونية والمالية
 
Full Image

تداعيات جائحة كورونا على الالتزامات القانونية والمالية

ورد لمكتب ميسان الكثير من الاستشارات القانونية المتعلقة بجائحة فيروس كورونا وعما إذا كانت تعد من قبيل القوة القاهرة أو الظروف الاستثنائية العامة ومدى تأثيرها على العقود والالتزامات القانونية المتبادلة وإمكانية التعويض عن الخسائر التي لحقت بالأفراد والمنشآت ومسئولية الدولة عن ذلك وفقاً لأحكام الدستور والقانون. وفي ظل غياب النصوص التشريعية الخاصة التي تعالج هذه المسالة تحديداً
 
يجب إخضاعها للنصوص القانونية المتاحة، وإنزال أحكامها على الالتزامات القانونية القائمة، كما يجب قبل هذا وذاك تكييف هذه الجائحة وهل تعد من قبيل القوة القاهرة أو الظروف الاستثنائية أم تخضع للتكييفين معاً – وذلك على النحو التالي
 
نصت المادة (198) من القانون المدني على أنه: اذا طرأت ، بعد العقد وقبل تمام تنفيذه ، ظروف استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها عند ابرامه ، وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام الناشئ عنه ، وان لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقا للمدين ، بحيث يهدده بخسارة فادحة ، جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ، ان يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول ، بأن يضيق من مداه او يزيد في مقابله. ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك
 
وهذه المادة تقنين تشريعي لنظرية الظروف الطارئة، ومؤداها أنه إذا حدث، بعد انعقاد العقد، وقبل تمام تنفيذ الالتزام الناشئ عنه، أن وقعت نازلة استثنائية عامة، لم تكن في الحسبان ولم يكن في الوسع توقعها عند التعاقد، وكان من شأن هذه النازلة إن أصبح تنفيذ الالتزام – وإن ظل ممكناً – شديد الإرهاق بالمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، فإنه يجوز للقاضي، بناء على طلب المدين وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يزيد في الالتزام المقابل، على النحو الذي تقتضيه العدالة ويمليه التوفيق بين مصلحة الطرفين كليهما. والحكم الذي تقرره المادة 198 يضفي حماية فعالة على العاقد الذي بات بسبب ظرف طارئ لم يكن في الوسع توقعه، مهدداً بخسارة فادحة، يمس النظام العام، ومن ثم يقع باطلاً كل اتفاق على ما يخالفه
 
وإذا كان من شأن إعمال حكم المادة 198 أن تثبت للقاضي، في صدد العقد، السلطة في تعديل آثاره، متجاوزاً في ذلك حدود سلطته الأصلية إزاءه، فإنه يجد مع ذلك مبرره القوي في أنه يتمثل رفقاً بمدين تعسر به الحظ، إذ شاءت ظروف غير متوقعة أن تهدده بخسارة فادحة بعيدة عن كل حسبان، وهو بهذه المثابة يتضمن تخفيفاً من شدة الالتزام القانوني وصرامة أحكامه، ويطبع تنفيذ العقد بطابع العدالة والرحمة والإنسانية.
 
وتقدير ما إذا كان تنفيذ الالتزام أضحى مرهقاً بحيث يهدد الملتزم بخسارة فادحة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، ومفاد ذلك أن إعمال حكم المادة 198 من القانون المدني – على فرض توافر موجبه – هو أمر جوازي ورخصة تقديرية مخولة لمحكمة الموضوع - الطعن رقم 315 لسنة 96 تجاري/2 – جلسة 16 نوفمبر 1997
 
وعلى من يدعي توافر شروط نظرية الظروف الطارئة وبأن الالتزام بالنسبة له أضحى مرهقاً ويهدد بخسارة فادحة، أن يقدم الدليل إعمالاً لما نصت عليه المادة الأولى من قانون الإثبات ووفقاً لما تواترت على القضاء به أحكام محكمة التمييز - الطعن رقم 33 لسنة 1999 (مدني) جلسة 3 إبريل 2000
 
مفاد ذلك أن نظرية الظروف الطارئة تستلزم أن يكون هناك ظروف استثنائية  عامة لم يكن في الوسع توقعها – وهذه الظروف قد توافرت بصدد جائحة كورونا التي اجتاحت العالم بأسره دون سابق إنذار أو توقع، وترتب عليها خسائر فادحة، فضلاً عن كون الالتزامات المترتبة على بعض العقود المستمر تنفيذها دون انقطاع أو استحالة بسبب هذه الجاحة - قد أضحت مرهقة في أغلبها وتسببت في خسائر جمة لبعض المتعاقدين، الأمر الذي يترتب عليه أحقية الملتزمون الخاسرون المستمرون في تنفيذ التزامهم، اللجوء للقضاء بطلب إعادة التوازن المالي للعقد بزيادة المقابل المادي أو بإنقاص الالتزام إلى الحد المعقول
 
ويجب الانتباه إلى أن إعمال نظرية الظروف الطارئة لا يعني انقضاء الالتزام وإنما يفترض أن الالتزام قائم ولم يصبح مستحيلاً ولكنه أضحى مرهقاً للمدين ويهدده بخسارة فادحة، فحينذاك حق للقاضي بناء على طلب المدين أن يتدخل بما له من سلطة تقديرية لإعادة التوازن المالي للعقد، أما إذا كان تنفيذ الالتزام أصبح مستحيلاً وليس مرهقاً، فإن هذا الالتزام ينقضي برمته استناداً لنظرية القوة القاهرة – وعلى نحو ما نظمته المادتين 215، 437 من القانون المدني بنص الأولى (في العقود الملزمة للجانبين، إذا أصبح تنفيذ التزام أحد الطرفين مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد له فيه، انقضى هذا الالتزام،   وانقضت معه الالتزامات المقابلة على الطرف الآخر وانفسخ العقد من تلقاء نفسه) ونص الأخيرة على أن ينقضي الإلتزام  إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه
 
ومسألة اعتبار جائحة كورونا من قبيل القوة القاهرة التي تؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزام ومن ثم انقضائه، مسألة مرجعها المحكمة وفقاً لما لها من سلطة تقديرية – وإن كانت هذه المسألة وتكييفها على أنها من قبيل القوة القاهرة – أضحت مؤكدة بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية باعتبار فيروس كورونا وباء عالمي وبعدما أصدر مجلس الوزراء عدة قرارات تتعلق بتعطيل العمل في الوزارات والهيئات الحكومية والخاصة، وفرض حظر التجوال الجزئي وغلق المطارات وغيرها من الإجراءات التي تعد جميعها قرارات سيادية لا دخل للمتعاقدين فيها
 
ونخلص مما سلف إلى أن جائحة كورونا وما نتج عنها من آثار وما ترتب عليها من قرارات حكومية تعد من قبيل الظروف الاستثنائية العامة ويطبق عليها نص المادة (198) من القانون المدني، في بعض الحالات، كما تعد من قبيل القوة القاهرة ويطبق عليها نص المادتين (215)، (437) من القانون المدني في حالات آخرى، وذلك كله وفقاً لطبيعة كل عقد على حدى وعما إذا كان من قبيل العقود المستمرة القابلة للتنفيذ ولكنها تسبب إرهاق للمدين، أو كان من قبيل العقود المستمرة غير قابلة للتنفيذ بفعل القوة القاهرة، فالأولى تطبق عليها نظرية الظروف الطارئة والأخيرة تطبق عليها نظرية القوة القاهرة
 
أثرت جائحة كورونا وما تبعها من قرارات حكومية محلية وكذلك ما اتخذته بعض حكومات الدول الأخرى من قرارات لمنع تفشي الوباء، على عقود التوريد المحلية والعالمية وكذلك عقود تقديم الخدمات وما شابهها من عقود أخرى مستمرة سواء أكان بدأ تنفيذها ولم تنتهي حال بدء أزمة كورونا أو كانت قد أبرمت وصادف موعد تنفيذها نشوء أزمة كورونا، فإذا كانت نفذت في جزء منها أو لم يبدأ تنفيذها ففي الحالتين إذا ثبت استحالة هذا التنفيذ، انقضى العقد في الشق غير المنفذ منه، أما إذا ثبت عدم استحالة التنفيذ ولكن أضحى مرهقاً للمدين، فحينذاك يجوز القضاء بتعويض المدين بإعادة التوازن المالي للعقد حال استمراره في التنفيذ، ونضرب ذلك مثلاً إذا كان أحد المتعاقدين ملتزم بتوريد سلعة مصنعة في الخارج، وصدر قرار من حكومة الدولة المصدرة بوقف تصديرها، أو غلق الموانئ والمطارات، ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام كلياً بكافة تبعاته إعمالاً لنظرية القوة القاهرة على النحو السابق بيانه استناداً لنص المادتين 215، 437 من القانون المدني، أما إذا كانت هذه السلعة مصرح بتصديرها ولكن اضطر المورد إلى شحنها جواً بدلاً من شحنها بحراً أو تكبد مصاريف تزيد عن قيمتها التعاقدية وخسر جراء ذلك خسارة فادحة، ففي هذه الحالة لا ينقضي الالتزام ولكن يعدل
بإعادة التوازن المالي للعقد إعمالاً لأحكام المادة (198) آنفة الذكر 

وسواء توافرت شروط نظرية الظروف الطارئة أو إعمال القوة القاهرة، فإنه يتحتم في الحالتين صدور حكم قضائي
بذلك، وعلى المدين إشعار الدائن بأن هناك استحالة في تنفيذ العقد وأن يشرح الظروف الداعية لذلك، فإذا اتفق مع الدائن على انفساخ العقد أو إنهائه فحينذاك ينقضي الالتزام بطريق التقايل إعمالاً لأحكام المادة (217) من القانون المدني دون حاجة للجوء للقضاء، وإن لم يتفقا، كان المدين بين خيارين إما أن يلجأ للقضاء بدعوى انفساخ العقد لاستحالة تنفيذه وإما الانتظار إلى حين رفع الدائن لدعوى ضده بطلب إلزامه بتنفيذ التزاماته العقدية أو التعويض عن عدم تنفيذها وحينذاك يدفع المدين دفع قانوني بانقضاء الالتزام استناداً لأحكام المادتين 215، 437 طالباً رفض الدعوى المقامة ضده.
 
أما إذا استمر المدين في تنفيذ الالتزام ولم تكن هناك استحالة في التنفيذ فيمكن له الاتفاق مع الدائن على تعديل الالتزام بزيادة المقابل المادي، وفي حال رفض الأخير، حق للمدين اللجوء للقضاء بطلب تعديل الالتزام وفقاً لأحكام المادة (198) آنفة الذكر
 
وينطبق الحكم آنف الذكر على عقود التوريد المحلية حال توقف المصنع لأي سبب من الأسباب أو ارتفاع قيمة السلعة، وفقاً لكل حالة على حدى وبالاستدلال بالمثال المتقدم ذكره
 
وبشأن تأثير فيروس كورونا على عقود العمل السارية، نرى أن هذه العقود وبحسب طبيعتها من العقود الزمنية المستمرة التنفيذ حتى لو توقفت المنشأة عن ممارسة عملها لفترة زمنية محددة متى ثبت عودتها لممارسة عملها مرة أخرى بعد انكشاف الغمة وانتهاء الوباء، ومن ثم فإن كافة هذه العقود تخضع لنظرية الظروف الطارئة متى ثبت تأثرها المباشر أو غير المباشر بجائحة كورونا دون نظرية القوة القاهرة التي تشترط أن تكون الاستحالة في تنفيذ العقد مطلقة، وهو أمر غير متحقق بصدد عقود العمل المستمرة بطبيعتها، خاصة وأن القرارات الحكومية المتعلقة بوقف أو تعطيل العمل قد انحصرت في القطاع الحكومي دون الخاص – عدا بعض الأنشطة التي منعت من مزاولة نشاطها كلياً والتي تأخذ حكم
خاص سنتعرض له لاحقاً 

ونظرية الظروف الطارئة تنطبق على عقود العمل حتى مع وجود نص المادة (61) من قانون العمل بالقطاع الأهلي والتي تلزم صاحب العمل بدفع أجور عماله خلال فترة إغلاق أو تعطيل المنشأة كلياً أو جزئياً لأي سبب لا دخل للعمال فيه، طالما رغب صاحب العمل في استمرار عملهم لديه، كما تطبق في ظل وجود نص المادة (62) من ذات القانون والتي لا تجيز لصاحب العمل تخفيض أجر العامل خلال مدة عمله.
 
ففي رأينا أن كلتا المادتين آنفتي الذكر يفترضا أن ظروف العمل طبيعية وليست استثنائية، فلا يجوز لرب العمل تعمد غلق المنشأة  إضراراً بالعمال أو أن يقوم بإجراء أعمال صيانة أو تطوير ويعطل العمل خلالها ويحرم العمال من أجورهم، كما لا يجوز له تخفيض أجور العمال بسبب طمعه في تحقيق ربح إضافي أو لتجنب خسائر اعتيادية، ولكن إذا ما تبدلت الظروف وتغيرت وكان الغلق الكلي أو الجزئي لأسباب خارجة عن إرادة رب العمل ناتجة عن قرارات حكومية بالغلق درءاً لمخاطر الإصابة بوباء، فلا شك بأن هذه الظروف الاستثنائية تمنح لرب العمل صلاحيات استثنائية، خاصة وأن المادة (198) من القانون المدني جاءت بصيغة عامة تطبق على كافة العقود دون استثناء لعقود العمل من تطبيق أحكامها ولأن الأجر مقابل العمل وفقاً لما نصت عليه المادة (55) من قانون العمل، وبمامفاده أنه إذا انقطع العامل عن العمل انقطاع جزئي بسبب صدور قرار حكومي بقصد العمل على ساعات محددة بسبب الخطر جاز تخفيض أجره بما يعادل فترة الانقطاع وإذا انقطع انقطاع كلي، أوقف بالتبع عقد العمل مدة هذا الانقطاع – كحال المطاعم والكافيهات والصالونات والمحلات التي تقع بالمجمعات التجارية والتي تم وقف عملها بناء على قرار حكومي لا دخل لرب العمل فيه، ومن ثم فلا يستحق العامل أجراً عن هذه المدة ولا تدخل ضمن مدة خدمته حال احتساب مكافأة نهاية الخدمة، وهو ما جرت عليه أحكام محكمة التمييز في شأن فترة الغزو العراقي، باعتبارها عقود العمل موقوفه خلال تلك الفترة وتستأنف سيرها بعد تحرير دولة الكويت
 
ولا شك أن الرأي المتقدم يتفق مع قصد المشرع حال صياغته قانون العمل بتقنين رغبته في وضع قواعد قانونية تشتمل على ضمانات أكثر لطرفي الإنتاج – رب العمل والعامل – بما يضمن العدالة والاستقرار في علاقة العمل – وعلى ما تضمنته المذكرة الإيضاحية لقانون العمل. ولأن المصلحة الجماعية هي الغاية، لذا حق لصاحب العمل اتخاذ إجراءات تكفل استمرارية العمل وتحقق مصلحة المنشأة والعاملين فيها جنباً إلى جنب دون إفراط أو تفريط، فله أن يقرر تخفيض الأجور إلى حين اجتياز هذا الوباء وتداعياته المالية، وهذا التخفيض لا يتوقف على موافقة العمل ولكن لابد وأن يقره القضاء إذا ما لجأ العمال أو بعضهم للمحكمة بطلب رد ما خصم من أجرهم. كما أن لرب العمل وقف صرف الرواتب للعاملين لديه إذا توقف نشاطه توقف كلي بفعل القرارات الحكومية كحال الصالونات والمطاعم والكافيهات والمحلات التي تقع بالمولات وسائقي التاكسي الجوال وغيرها، على أن يستأنف سير هذه العقود بعد صدور قرارات حكومية أخرى باستئناف عمل هذه المهن
 
وغني عن البيان أن ما تقدم اجتهاد قانوني على ضوء مواد القانون وأحكام القضاء المتاحة وستكون هذه المسألة محل جدل قانوني أمام القضاء ليقول كلمته في كل نزاع مطروح على حدى، ما لم يصدر تشريع خاص يعالج بنصوص خاصة  الحالات الراهنة وما يستجد عملاً – ولا يفوتنا في هذا المقام أن نطرح بعض الحلول العملية التي قد تجنب صاحب العمل اتخذا قرار بتخفيض الأجور أو وقف عقود العمل لما يترتب على مثل هذه القرارات من تبعات اجتماعية وإنسانية 
ومن هذه الحلول أن يمنح صاحب العمل للعاملين لديه إجازة سنوية مدفوعة الأجر متى كان لهم رصيد كافي من الإجازات، وذلك لحين انقضاء فترة تفشي الوباء، وعلى نحو ما يحوي به نص المادة (72) من قانون العمل من أحقية صاحب العمل في تحديد موعد الإجازة السنوية، أو تقسيم أوقات العمل بين كافة العاملين لديه بحيث يعمل البعض لنصف الوقت ويعمل الباقون للنصف الآخر منه وسداد الأجور وفقاً لساعات العمل الفعلية دون العقدية، وكلا الحلين آنفي الذكر قد يكونا أيضاً محل جدل قانوني أمام القضاء إلى أن يفصل في الأنزعة التي ستقام أمامه، وفقاً لطبيعة وظروف كلاً منها
 
وبصدد تداعيات هذا الوباء على الالتزامات الناتجة عن عقود الإيجار فإننا يجب أن نفرق بين مرحلتين، الأولى مرحلة تفشي الوباء وصدور قرارت حكومية بغلق بعض المحال، والثانية مرحلة ما بعد كورونا وما نتج عنها من آثار مالية

برأينا.. أن المرحلة الأولى ينطبق عليها حكم المادة (581) من القانون المدني بنصها "إذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة في حدود القانون نقص كبير في انتفاع المستأجر جاز له أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة ما لم يكن عمل السلطة العامة لسبب يعزى إليه". وأفصحت المذكرة الإيضاحية بأن الأعمال الصادرة من السلطات العامة ومنها القرارات الصادرة عن جهة الإدارة والتي يترتب عليها حرمان المستاجر من انتفاعه بالمأجور أو الإخلال بالانتفاع به تعتبر من قبيل القوة القاهرة التي لا يكون المؤجر ملتزماً بضمانها ولكنه يتحمل تبعاتها فيكون للمستأجر تبعاً لجسامة الإخلال بالانتفاع أن يطلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة ولكن بشرط ألا يكون عمل السلطة ناجماً عن عمل يعزي إلى المستأجر أو أن يكون عدم انتفاع المستأجر بالعين راجعاً إلى خطئه أو إلى سبب يتعلق بشخصه أو نتيجة استعماله العين بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وكل هذا ما لم يتم الاتفاق بين الطرفني على غيره
 
وتبعاً لصدور قرارات حكومية بغلق المحال التجارية داخل المولات والمحلات الأخرى خارجها التي تمارس بعض الأنشطة كالمطاعم والكافيهات والصالونات فإن لهؤلاء المستأجرين التمسك بعدم سداد الأجرة تبعاً لانتفاء المنفعة بالمحلات المستأجرة، وإذا لجأ المالك للمحكمة بطلب الإخلاء لعدم سداد الأجرة فحينذاك يمكن للمستأجر التمسك بنص المادة (581) من القانون المدني
 
أما بشأن المرحلة الثانية، ما بعد كورونا، فمن المتوقع أن تستمر تداعيات هذا الوباء لفترة زمنية طويلة نسبياً لما نتج عنها من ركود اقتصادي وانخفاض لمؤشرات السوق ونسب النمو الاقتصادي العالمي – وحينذاك سيضطر الملاك إلى تخفيض القيم الإيجارية، وفي حال امتناع البعض فيمكن للمستأجرين اللجوء للقضاء بطلب تخفيض القيمة الإيجارية استخداماً لنص المادة (198) من القانون المدني وكذلك المادة (11) من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1978 بشأن إيجار العقارات – بتقدير قيمة أجرة المثل العادلة
 
في ظل تداعيات الأزمة الراهنة وما ترتب وسيترتب عليها مستقبلاً من خسائر مادية وبشرية لابد وأن تتدخل الدولة بما لها من سلطة في إصدار مرسوم بقانون يضاهي في أثره المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 1991 بشأن الهيئة العامة لتقدير التعويضات عن الغزو العراقي، وكذلك القانون رقم 41 لسنة 1993 في شأن شراء الدولة بعض المديونيات والتي عالج الأزمة المالية الناتجة عن سوق المناخ والمرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي والذي استدعت الأزمة المالية العالمية في عامي 2008، 2009 إلى إصداره كوسيلة لضمان استمرارية بعض الشركات المتعثرة، وذلك إعمالاً للمبادئ الدستورية المقررة وأهمها ما نصت عليه المادة (25) من الدستور من "أن تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعمال الناجمة عن الكوارث والمحن العامة

ونرى أن ما سببه وباء كورونا من خسائر اقتصادية ومالية طالت كافة المؤسسات الخاصة والشركات والأفراد تعد من قبيل الكوارث والمحن العامة، ومن ثم ينطبق عليها حكم المادة (25) من الدستور ويتوجب على الدولة معالجة هذه المسألة بإصدار القرارات المناسبة سواء أكانت قرارات وزارية أو اقتراح بقانون لإقراره من مجلس الأمة تفعيلاً لنص المادة (25) ونهوضاً بدورها في معالجة أثار هذه الجائحة بما لا يضر بالمواطنين ودفعاً لعجلة النشاط التجاري والاقتصادي الذي يستقر باستقراره المجتمع بكافة طوائفه، وإذا تخاذلت الحكومة عن القيام بدورها فلا يمنع ذلك الشركات والمؤسسات الخاصة والأفراد من اللجوء للقضاء بالمطالبة بتعويضهم عما أصابهم من خسائر تفعيلاً وتأسيساً على ما نصت عليه المادة (25) من الدستور
 
لا شك بأن تداعيات هذه الأزمة مستمرة لمدة طويلة تستجد خلالها الاستفسارات القانونية وقد يختلف الرأي من حالة لحالة وفقاً لظروف كلاً منها أو وفقاً لما قد يصدر من قرارات وزارية أو يشرح من قوانين وسنتواصل معاً دائماً لتحديث هذا الرأي على ضوء ما يستجد
 
،والله ولي التوفيق
  
                                                                                       ميسان للمحاماة والاستشارات القانونية
 
:للمزيد من المعلومات بإمكانكم الإتصال  
yd2

محمد عبدالواحد

مستشار
هاتف: 0696 2205 965+
جوال:  88021 940 965+
 mabdulwahed@meysan.com
yd2

أحمد عوني

مستشار
هاتف: 0696 2205 965+
جوال:  99503 699 965+
aawni@meysan.com
yd2

وليد التتان

شريك أول
هاتف: 0699 2205 965+
جوال:  66606 999 965+
waltattan@meysan.com